لن نجلس هذا العام أمام التلفاز بانتظار أحداث جديدة في تلك الحارة السورية.. ولكن مهلا.. ألم تتحول سوريا كلها إلى أبواب حارات أبية وحرة، لا ترضى بالضيم؟ ألا تحمل الأحداث في سوريا اليوم ذات الطابع الذي كنا نشاهده في الدراما السورية وبالتحديد في باب الحارة؟ ولكن الاختلاف كبير.. فهذه دراما.. وهذا واقع يعيشه مئات الملايين من الناس، الذين فقدوا أحباء وأقرباء وأصدقاء بسبب ظالم يأبى التزحزح أو حتى وقف القتل الذي لم يعد يفرق بين صغير وكبير، فكلهم واحد..
لن نجلس هذا العام أمام التلفاز لنشاهد مجموعة من الممثلين المنافقين الذين لطالما رفعوا شعارات الحرية والعدالة والمقاومة والتحرير وفوق ذلك كله الوقوف في وجه الظالم بتقمصهم أدوارا (ولا أبو زيد الهلالي) لأن الأقنعة هذا العام سقطت كلها... فمن كان بالأمس بطلا دراميا أحبه الجمهور لرجولته (أو رجولتها) لم يعد اليوم كذلك.. بعد أن طبل وزمر للنظام في الواقع ... ليس ذلك فحسب.. بل وصف الأطهار من الثائرين بألفاظ يخجل من هم مثلي بالتفوه أو حتى التفكير بها.. فليست لدي مشكلة في أن يكون للآخر رأي مخالف.. كأن يكون مؤيدا للنظام مثلا.. ولكن لم عليه توجيه الاتهام الواحد تلو الآخر للثوار.. أهو إثبات ضعف النظام أم ضعف الموقف؟؟
تساءلت بالأمس. كيف يمكن لأي شخص منا قبول تأدية دور معين.. بل والمداومة على هذا النوع من الأدوار البطولية.. وفجأة حينما يصبح الأمر جادا... ينقلب السحر على الساحر.. ليصبح هؤلاء أنفسهم ممثلين للظلم وحاشيته...
كثيرون يقولون إنهم سيقاطعون أعمالا درامية لمثل هؤلاء ممن طبلوا وزمروا لبشار.. أنا لن أقاطع.. وأعلنها صراحة.. بل سأتابع مسلسل النفاق المستمر.. الذي لا يرحم طفلا رضيعا أو شيخا هرما.. سأتابعه حتى نهايته.. كما كنت دائما متابعة دائمة في السابق. ولكن الاختلاف هنا هو أن الاحترام سقط.. بعد أن سقطت الأقنعة.. فهؤلاء لن يدوموا طويلا.. لأن الثوار غالبون .. فالحق سيغلب.. كما غلب سابقا ولو بعد زمن طويل... لأن كثيرا منهم كذلك فقد ألقه ونجوميته بعد تصريحات أزالت عنهم ثوب الهيبة..
نعود إلى باب الحارة.. الذي فتح في حماة وحمص واللاذقية وريف دمشق وحلب.. وغيرها الكثير.. هؤلاء هم الأبطال الحقيقيون .. الذين لن نغفل عن متابعة ما يقومون به من بطولات ...وليسوا أولئك الذين يمثلون أدوارا لا تليق بهم.. ففي نهاية المطاف الكلام سهل... والتمثيل سهل.. ولكن في مثل هذه المواقف يقاس ولاء الإنسان لإنسانيته.. والفنان المثقف لشعبه الذي رفعه درجات.. وبإمكانه وبكل يسر وسهولة أن ينزله إلى أسفل السافلين..
الخوف من أن ينتج جزء جديد من باب الحارة العام المقبل. يحمل إسقاطات على ما يحدث في سوريا.. والخوف الأكبر أن يرتدي هؤلاء الممثلون الجبناء أثواب البطولة والتحرير بعد أن يكون الظالم قد سقط ... والنظام قد أزيح..