Thursday 26 September 2013

رسالة إلى صندوق دعم الطفل الفلسطيني _ A Letter to the Palestinian Children's Relief Fund


أصدقائي في صندوق دعم الطفل الفلسطيني:

كم منا يمتلك الكون بأكمله، من جسد كامل، وحياة مريحة، وعلم مفيد، وأولاد سعداء، ثم يجلس على حافة كرسيه، عابس الوجه، مهموما حزينا، يفكر فيما ينقصه، وفيما يمكن أن يحمل الغد من مشاكل جديدة.

هذا ما دار في خلدي اليوم بعد زيارتي آية. ولأعرفكم بآية، فهي فتاة في الصف العاشر، فلسطينية من قبلان، قضاء نابلس، ولدت بعيب خلقي في رجلها اليمنى، وأجرت حوالي الأربعة عشر عملية جراحية لإصلاح الخلل، حتى جاءت مجموعة من الأطباء الأجانب لتسعفها في فلسطين، ومن ثم سافرت إلى الولايات المتحدة الأمريكية لتركيب قدم صناعية وعدتها بحياة جديدة. طبعا كل ذلك بجهود مشكورة من صندوق دعم الطفل الفلسطيني.

رغم وضع آية الصحي، وسفرها بعيدا عن أهلها لشهر أو أكثر، وحياتها الصعبة في بلدتها، والآن اعتيادها على وضع جديد باستخدام القدم الصناعية، حافظت هذه الفتاة على ابتسامة عريضة، لم أر لها مثيلا. ابتسامة أخذتني إلى سماء فلسطين، وحلقت بي عاليا فوق سهولها وزيتونها، وجعلت من مرارة الغربة هنا أملا في مساعدة المزيد من الأطفال، ممن يحملون بسمة برغم كل شيء.

حدثتني آية عن قبلان، وعن العمليات الأربعة عشر، وعن رحلة السفر بالطائرة، وأخبرتني عن ولعها بمحمد عساف، وشاهدنا أغنيته "علي الكوفية" سويا، ذكرني ولعها به بصبانا حين كنا نتخيل ممثلا أو مغنيا نحبه، وكيف تلمع عينانا حين يمر خياله أمامنا. شاركتني آية صور رحلاتها في أمريكا، والأشخاص الذين تعرفت بهم، والذكريات التي ستحملها معها حين تعود إلى قبلان.

اليوم آية عادت برجل جديدة وبابتسامة عريضة، وقبلها عاد العشرات من الأطفال الفلسطينيين والعرب إلى ديارهم بآمال كبير في غد أكثر سعادة، لأن في هذا العالم، الذي أصبح كثير السواد هذه الأيام، لا يزال هناك من يهتم، ومن ينصت، ويمن يعمل لأجل هؤلاء الأطفال.

شكرا لكل من كان له يد في إطلاق صندوق دعم الطفل الفلسطيني، حتى وإن كان هذا الشكر متأخرا كثيرا جدا بعد سنوات عديدة من إطلاقه. شكرا لأنكم لم تطبعوا بسمة على وجوه هؤلاء الأطفال فقط، بل طبعتم بسمة على وجوهنا أيضا، نحن الذين نمتلك الكون بأكمله، من جسد كامل، وحياة مريحة، وعلم مفيد، وأولاد سعداء، ومن ثم نجلس على حافة كراسينا، عابسي الوجوه، مهمومين حزينين، نفكر فيما ينقصنا!

سامية م. عايش
26 أيلول 2013




Dear PCRF:

How many of us own the whole world, a perfect body, a comfortable life, happy children, and then sit on their chair, unhappy, miserable, helplessly thinking about problems to come.

This is what I was thinking about today when I visited Ayah. Ayah is a young Palestinian girl in high school. She comes from Kabalan, Nablus in the West Bank. She was born with a birth defect in her right leg. She went through 14 surgeries to fix that. One day, she registers her name with the PCRF, and she comes to the US to get a prosthetic leg.

Despite her health condition, travelling away from her family for a month or so, her difficult life back home, and now getting used to this new part of her body, Ayah manages to keep a big smile on her face. I have not seen anything like that before. Her smile reminds you of the clear sky in Palestine and the real colors of earth. Her smile transformed the bitterness we have into some hope of helping more children.

Ayah told me about Kabalan, the 14 surgeries she went through, and her journey from home to Amman, Frankfurt, and then to Houston. She also told me how much she loves Mohammed Assaf, the Palestinian Arab Idol. We saw his famous song together. Ayah showed me her pictures with the wonderful host family taking care of her, and she shared with me the memories sh'll carry back home.

Today, Ayah goes back with a new leg and a big smile. Before her, tens of Palestinian and Arab kids went back home happily looking for a better future, because in this world, there are people who still care, still listen, and still work hard to build a better future for such kids.

So, thanks PCRF for all the great work you are doing (despite the fact that this thank you is very late after those so many years of launching it). Thank you very much because not only you made these kids feel better, but you also made us feel much better. Us, who own the whole world, a perfect body, a comfortable life, happy children, and then sit on our chairs, unhappy, miserable, helplessly thinking about problems to come!

Samya M. Ayish
26 September 2013

Thursday 19 September 2013

طفلي بين واقعين: واقع يقرأ وواقع لا يقرأ!

أرسلت ابني البالغ من العمر خمس سنوات خلال عامين إلى نفس الصف مرتين، إلى الروضة، مرة في الإمارات، والمرة الثانية في أمريكا. تجربتان مختلفتان تماما، ولا أعني أن إحداهما سيئة وإحداهما جيدة، بل إن إحداهما يجب أن تعلم الأخرى. 

أتمنى لو تأخذ مدارسنا في العالم العربي بعضا من النقاط التالية في  الحسبان، فلا نريد بناء جيل من المخترعين والمستكشفين والعباقرة، ولكن نريد بناء جيل يتمسك بهويته وثقافته ولغته، جيل يقرأ ويقرأ ويقرأ، جيل يكبر على الاعتماد على الذات والشجاعة، لأن ذلك كله سيؤدي في النهاية إلى جيل من المخترعين والمستكشفين والعباقرة.

كنت مدعوة اليوم لحضور اجتماع للأهالي، للتعرف إلى سياسة المدرسة، وأساليب التعليم، والتعرف إلى المعلمات بشكل أفضل، وهذا ما خرجت به: 

- موعد الاجتماع كان الساعة 6:45، وفعلا بدأت المديرة بالحديث الساعة 6:45. لا تأخير، واحترام الوقت هو الأهم.

- إلى جانب المديرة، وقفت شابة في بداية الثلاثينيات تترجم ما يقال بلغة الإشارة. لم أفكر سابقا بضرورة وجود ترجمة بلغة الإشارة، ولكن اليوم فقط أدركت كيف يكون احترام الإنسان بكافة قدراته.

- شددت المعلمات في بداية حديثهن على الكتاب والقراءة، وهذا ما قلنه:

"القراءة .. القراءة.. القراءة.. يجب أن يحاط الأطفال بالكتاب في كل مكان، يجب أن يقرأ كتابا في كل وقت، لأن القراءة وحدها تجعله يسافر إلى كل مكان وهو في مكانه، وهي توسع مداركه، حتى الرياضيات نعلمها في هذا العمر عن طريق القراءة."

- قد لا نتوقع الكثير من هؤلاء الطلاب الصغار، ولكنهم يفاجئوننا دوما، لأنهم مثل الاسفنج يمتصون الكثير ويقدمون الأكثر. فلا داعي للقول إن هذا الطفل لا زال صغيرا، وقد لا يستطيع، بل هو قد يفوق توقعاتنا، ويستطيع، ومن هنا يأتي مفهوم الإيمان بالطفل.

لم تكن مدرسة ابني في الإمارات سيئة، بل جيدة جدا، وكان يحبها كثيرا، ولكن أعتقد أن المدارس في بلداننا العربية، تفصل بين حياة الطالب في المدرسة وخارجها، لتصبح ازدواجية في التعامل، ولا يشعر الطالب أن والديه ومعلميه فريق واحد، وهو أمر خاطئ، لأنه سيعيش على إثرها حالة من الضياع. لذا قد يكون الكتاب والقراءة هو الرابط بين هذين الواقعين.