Saturday, 30 March 2013

إليك أيتها الرائعة


إليك أيتها الرائعة... يا من نسجت من كلماتك حبلا يلجأ إليه اليائسون من أمثالي... ليفتحوا بسطورك عالما جديدا نسوه ولكنه لم ينساهم!

"... امرأة محنية الظهر، ناعسة تحمل أيوبها، شقيقا وابنا وحبيبا وثقلا ووجعا وعمرا، وصبي أتانا من حكاية أخرى، التصق بنا، فصار جزءا من حكايتنا... صار جزءا من حياتنا، ومن حبنا."

قشعريرة سرت في جسدي الممدد على السرير لم أشعر بها منذ زمن بعيد جدا. كانت كلماتك سيدتي تغرس في عظمي وفي جلدي وفي لحمي بذورا من الماضي نبتت فجأة وأصبحت أرى في كلماتك وسطورك وحتى في الفاصلة والنقطة وعلامات التعجب والاستفهام جانبا مني أنا انعكس ليكشف عن وجه جديد لشخصي لم أره من قبل.

أنت كما عرفتك، ثائرة، واضحة، عاشقة، والدة، غاضبة، هادئة، وكل ما أنزل الله من كمال في الخلق. بين سطور روايتك الرائعة، كنت دائما أتساءل: "ترى لو لم أكن أعرف هذه السيدة، هل سيكون الوقع ذاته؟ لو قرأت هذه الكلمات لشخص لم أره، ولم أشاركه الحديث يوما ما، هل ستكون في نظري إبداعا تفتقده الأمم اليوم؟"

بقلمك وملكتك الصغيرة ملكت أحاسيس من قرؤوا "قبل أن تنام الملكة". أرسلت لي الكتاب قبل عامين، والحياة المملة الطويلة التي يشوبها نسيج من العبودية نعيشه كل يوم، من لحظة الاستيقاظ وحتى لحظة النوم، جعلت مشروع قراءة هذا الكتاب مؤجلا إلى أجل غير مسمى، وكل يوم، كان الكتاب طريح الدرج إلى جانبي، أراه وأقرر أن غدا سيكون اليوم الأول لأفتح الصفحة الأولى، وأعيش عوالم عهدتها ولم أعهدها.

كل من حولي قرؤوا كتابك، ولديهم قليل من الغيرة لأنك سطرت توقيعك وإهداءك على صفحة الكتاب الأولى: "لأن الحكاية أكثر من هدهدة وأبعد من سكن... الحكاية بقاء." حتى أمي حبيبتي، قرأت الكتاب وأعادته لي في ثلاثة أيام، ما جعلني أشعر بالثورة الغاضبة تشتعل في داخلي، على نفسي وعلى حياتي وعلى تأخري في الاستمتاع بهذه الجوهرة الأدبية.

الصفحات الأولى من روايتك قرأتها مرتين، وفي كلتا المرتين كانت الدموع تجد طريقها إلى خدي، وأنت تناجين ملكتك. أنت يا سيدتي تمكنت وبكل جدارة، من إعادتي إلى نفسي التي أعرفها، أو من الممكن أنك قد أعدت نفسي إلي. أنا حينما أنهيت حكايتك أحسست بالفخر والسعادة، لأنني واحدة ممن حصلوا على شرف الوقوف على حياة قاست صاحبتها الويلات لتصل إلى ما هي عليه اليوم. أحسست بالغبطة تتملكني لأني شهدت من خلال أحداث حياتك روعة الأدب العربي حين يتجلى في قصة سيدة فلسطينية أصيلة، تمثل كل ما أرنو إليه في حياتي.

أنت يا سيدتي، يا حزامة، قدمت سطورا تزيد من طمعي وترقبي لعمل جديد، علي أشهد مرة أخرى ولادة جنين آخر يعيد الثقة إلينا في أدبائنا، وأعمالنا، وحتى لغتنا، التي باتت تتحطم على صخور التطور والعالمية.

فهنيئا لك في ما أنجزت، وإن كانت متأخرة كثيرا...

سامية عايش
30\3\2013

No comments:

Post a Comment