هل ظن حسني مبارك أن هذا اليوم قادم؟ هل حسب في أحد الأيام أنه سيرافق نجليه علاء وجمال (أو جيمي) إلى السجن؟ والله لا أعتقد ذلك، لأن من يتسلق الجبل لا يمكنه رؤية المنحدر على الجانب الآخر منه.
قبل أيام، سمعنا جميعا تسجيلا لمبارك يدافع فيه عن نفسه، ويقول إنه لم يجمع ثروته إلا من مصادر مشروعة، ولم يسرق، ولم يستغل منصبه في سبيل الكسب غير المشروع.. و و و فماذا حصل؟ عجل النائب العام في طلبه للتحقيق، فطبق المثل القائل: "اجا تيكحلها ... عماها".
وبهذه الخطوة، يشعر شباب التحرير الآن بالراحة لأن ثورتهم فعلت فعلتها، وتم إنقاذها، فالكثيرون ظنوا أن كلمة مبارك المسجلة قد تلعب على العواطف، وتخلق واقعا جديدا لأصحاب القلوب الضعيفة، غير أن التحقيق مع رموز النظام السابق تباعا جعلت من ذلك الواقع يتبدد، ليحل محله ذلك الشعور الذي احتل قلوب المصريين أيام ثورة 25 يناير.
وفيما أنا أكتب هذه السطور، وأتابع ما تبثه قناة الجزيرة من أخبار حول ذات الموضوع، يعرض تقرير إخباري، يظهر فيه كل من أحمد عز بقميصه الأبيض "الكول"، وصفوت الشريف بنظارته السميكة وعبوسه الذي لم يتغير خلال المائة عام الأخيرة (وهو برأيي عمره الافتراضي)، وإلى جانبهما هناك جيمي يجلس وكأنه صاحب البيت أو بالأحرى "صاحب العزبة"، الذي وقتها كان يحضر نفسه لرئاسة مصر خلفا لوالده.
كان هؤلاء الثلاثة يحضرون مؤتمر الحزب الوطني، داخل قاعة حينما تراها تعتقد أنك تزور واحدة من بلدان العالم المتقدمة، بينما إذا خرجت إلى الشارع في ذلك الوقت، لأحسست بخيبة أمل كبيرة إزاء الفارق بين من يجلسون في الداخل ومن يموتون في اليوم ألف مرة تحت أشعة الشمس، وبين زحام الناس، ودخان السيارات.
كلمة "الفارق" أو "الفرق" أو "الاختلاف" أو ما يوازيها كنا نسمعها كثيرا في وسائل الإعلام إزاء ما يجري في مصر، فهناك "فارق" بين رجال الأعمال وعمال السكك الحديدية، وهناك فارق بين سكان القاهرة وسكان الصعيد، وفارق آخر بين المسلمين والأقباط، وفوارق كثيرة بين الذكور والإناث، فما الذي اختلف الآن؟
أصبحت هذه الكلمة نادرة الظهور، فالروح المسيطرة على المصريين وعلى مصر هي في التشابه لا في الاختلاف، في الوحدة لا في الفوارق، وهذا هو الوتر الذي ضرب عليه حسني مبارك، محاولا إعادة الصفوف لصالحه، فهو في تسجيله أكد أنه كباقي الشعب، يكسب الرزق الحلال، ولا يطمح لسلطة أبدية، وقس على هذا النمط.
أعتقد أن أعظم مشهد سينمائي أو تلفزيوني ليوم الأربعاء 13 أبريل سيكون مشهد اللقاء بين سجناء سجن طرة في القاهرة (من أحمد عز إلى صفوت الشريف إلى زكريا عزمي) والقادمين الجدد... ترى كيف سيكون؟؟
أترك لكم حرية تصور المشهد والحوار "الهابط" الذي سيدور في أرجاء الزنزانة، ولكن ما يهم في النهاية هو: "من سيلقى عليه اللوم في حكاية الثورة هذه؟"
No comments:
Post a Comment